(((  بني لام في التاريخ ))) :


ويحسن أن نورد طرفاً مما ذكره المؤرخون عن بني لام بعد انتقالهم من نجد إلى الجهات الشمالية .
1 ـ سنة 713 قال صاحب ( المختصر في أحوال البشر ) في حوادث سنة 713 :
فيها اجتمع جماعة من بني لام من عرب الحجاز ، وقصدوا قطع الطريق على سوقة الركب الذين يلاقونهم من البلاد ، إلى تبوك ، عند عود الحاج وساروا إلى ذات حج ، والتقوا مع السوقة ، فقتل من السوقية تقدير عشرين نفساً وأكثر ، ثم انتصروا على بني لام وهزموهم ، وأخذوا منهم تقدير ثمانين هجيناً ، وعادت بنو لام بخفي حنين ) .
2 ـ سنة 838 ـ ذكر ابن إياس في ( بدائع الزهور ) في حوادث ذي الحجة منها أن مبشر الحاج حضر مسلوب الثياب وقد عرّاهُ بنو لام في الوجه ، وأخذوا مامعه من الكتب وغيرها .
3 ـ وفي سنة 897 ـ لما صعد الركب الأول إلى سطح العقبة خرج عليهم بنو لام ونهبوهم .
4 ـ وفي سنة 900 ـ لما رجع ركب الحج الشامي خرج عليه بنو لام فاحتاطوا عليه عن آخره وسبوا الحريم ، ونهبوا الأموال وأسروا أمير الركب فانزعج السلطان لهذا الخبر .
5 ـ وفي سنة 907 ـ لما وصل ركب الحج المويلح عائداً خرج عليهم عربان من بني لام وبني عطية وبني عقبة ، ووقفوا للحجاج ، وأرادوا أن ينهبوهم ، فوقع الصلح بينهم على أن يأخذوا على كل جمل ديناراً .
6 ـ ذكر الجزيري أن العسكر المعين لخفارة الحجاج وحراستهم استجد سنة 927 بعد واقعة سلامة بن فواز المعروف بجغيمان ، من عرب بني لام .
8 ـ وذكر في حوادث سنة 926 أن سلامة هذا تعرض للحجاج في نحو عشرة آلاف نفس سماوة بالقرب من الأزلم ، فأصيب ابن عمه برصاصة فانهزم ، فمن تلك السنة عينت البلكات من العسكر الركبا .

ومن تلك السنة عينت السلطنة لسلامة بن فواز كل سنة ألف دينار راتباً له ولأولاده من بعده ليكف عن الركب المصري ودربه ، وليكون من حراسه وحزبه ، وضمنه فيما يأتي منه صهره الشيخ عمرو بن عامر ابن داود أمير بني عقبة ، وجعله وكيلاً عنه في ذلك ، صارت لأولاده من بعده خلفاً عنه ، وعمرو بن عامر على ضمانته وتناوله المعلوم .
9 ـ وقال الجزيري : ( وبالقرب من العقيق أول المضيق من الطلعة من يسار الركب محرس إلى حسمى وخرج منه بنو لام على الركب في سنة 930 في ولاية الأمير جانم الحمزاوي ، ولم تظفر منه بطائل .
10 ـ وذكر الجزيري في ( درر الفوائد المنظمة ) في حوادث سنة 952 أن الركب حين نزل الأزلم في الذهاب ، انقطع منه بحدرة دامة بعض جمال من الربايع التي تتأخر عادة عن الركب ، فصادفهم مرور خيل بني لام صحبة شيخ من شيوخ بدناتهم ، يسمى دويعر في نحو السبعين فرساً على ماقيل ، فاستاق الجمال بأحمالها وكانت نحو العشرين أودونها ، فلما علم أمير الحاج حصل عنده رعب شديد ، وكنت حاضراً عنده ، فثبته ، وكان في المجلس عامر بن عمرو بن داود شيخ بني عقبة ، وهو ملتزم بما يأتي من بني لام ، فأشرت عليه بالقبض على المذكور وولده ، وفعلنا ذلك ، ثم أطلقنا عمراً لإحضار الجمال والأحمال ، فتوجه وأحضر غالبها ، وما ادعوا ضياعه غرمه الأمير آيدين لجماعة التجار بالقاهرة بعد شكاوي إلى داود باشا بلخاش ، إلى الغاية .

 


11 ـ وقال أيضاً في ( درر الفوائد المنظمة ) في ذكر المحارس التي تكون طريقاً للمفسدين وقطاع الطريق ، وأن على أمير الحاج حراسة ركب الحجاج فيها بالتهييء ، بما يلزم من فرسان وأسلحة . قال :
 
وأعلم أن محارس بني لام بالدرب المصري متعددة :
فمنها في دوار حقل ، واد يطلع إلى حسما .
وعند عش الغراب محرس إلى حسما .
وبوادي عفال عند قبر السفاف بالشرفة إلى حسما .
وبالقرب منها أيضاً يرنب وسدر ، بمعشى الشرمة محرس .
وبالنبك المسمى بالمويلح محرس .
وبالقرب من دار السلطان محرس يدعى الخريطة يرد إلى حسما .
وبالقرب من حدرة دامة محرس .
وبالقرب من سماوة والدخاخين محرس .
وبالصفحة من وراء اصطبل عنتر محرس .
وبالوجه محرس .
وبالقرب من أكرا محل يدعى الوفدية محرس .
وبأكرا محرس . اهـ .

واتسعت بنو لام في نجد ، وكثرت وامتدت بلادها ونفوذها من الجبلين غرباً حتى قرب المدينة في القرنين السابع والثامن الهجريين ـ كما ذكر صاحب ( مسالك الأبصار ) فيما نقل عن الحمداني .

* ونجِد أقدم خريطة رسمت للجزيرة في أول عهد الدولة التركية . وضع فيها اسم ( لام ) من القبائل المنتشرة حول المدينة شرقها وشمالها حتى الجبلين وأعالي وادي الرمة .

كما نجد طرفاً من أخبار مناوشاتهم وتحرشهم بالحجاج ، وبولاة مكة في تواريخ مكة في سنة 900 و 901 .

ومع إنتشار ماينسب إليهم من أخبار لدى العامة في نجد ، فإن الباحث فيما هو مدون من تاريخ هذه البلاد لايجد لهم ذكراً بإستثناء أسماء بعض الأسر التي تنسب إليهم أو الفروع الذين تفرعوا منهم كآل كثير وآل مغيرة والفضول ، وإن كان هؤلاء في الغالب يجمعهم من بني لام الأصل وهو طيء ، لأن بني لام انضاف إليهم وقت قوتهم كثير من الفروع من قبائل شتى .

3 ـ قال ابن بسام في كتابه ( علماء نجد خلال ستة قرون ) :
بني لام : من قبيلة طيء التي هي أول قبيلة جاءت من جنوب الجزيرة العربية إلى نجد ثم يتفرع من طي بطون أحدها ـ بنو لام ـ ولام جد هذه القبيلة هو جد الصحابي أوس بن حارثة بن لام ، وكانت قبيلة أوس تسمى جديلة . وأوس هو رئيسها وكان يجاورهم أبناء عمهم قبيلة الغوث ورئيس الغوث زيد الخيل الصحابي الآخر . وكل من قبيلة جديلة وقبيلة الغوث يرجع إلى طيء وكانت مساكنهم جبلي طيء المشهورين بشمالي نجد ، والآن هي المنطقة الشمالية للبلاد السعودية ، وذكر ابن الأثير في أسد الغابة أن أوس بن حارثة وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في سبعين راكباً من قومه فبايعوه على الإسلام .
وإلى هذا فهي تسمى طيء بالجد الأعلى والأجديلة إذا ذكر بطن جديلة وحدة . قال الهمداني : ( ثم كثروا وتفرقوا وكانت منازلهم بالجبلين إلى المدينة فافترقت بطونهم من حارثة بن لام وإبنه أوس ) اهـ . ثم انتقلوا من الجبلين في شمالي نجد إلى عالية نجد ، ولكن متى انتقلوا من جبلهم إلى عالية نجد ومتى تركوا نجد إلى العراق اننا لانجد تاريخاً مستوفياً نعتمد عليه في ذلك وانما هناك فقرات ننقلها تدلنا بعض الدلالة على حال هذه القبيلة الكبيرة الشهيرة .

قال علي بن موسى بن سعيد المتوفي عام 685 هـ : ( أشهر الحجازيين الآن بنولام وبنو نبهان والصولة بالحجاز لبني لام بين المدينة والعراق )
وقال الفاسي في كتابه العقد الثمين : ( قاضي قضاة شيراز توجه مريداً للحج في العام الماضي ـ 820 ـ فعرض له بنو لام بقرب عنيزة فنهبوا مامعه من التحف التي استصحبها هدية لأعيان أهل الحرمين وتأخر بعنيزة لتحصيل كتبه وترقيع حاله فلما ظفر بكتبه توجه قاصداً المدينة النبوية )

من هذا تعرف أنهم صاروا ـ فيما نرجح ـ بعد القرن الرابع الهجري في نجد أكبر القبائل العربية وأشدها بأساً وأن مساكنهم عالية نجد وأشهر من سمعنا به من أمرائهم ـ عجل بن حنيتم اللامي ـ الذي مقره بلدة الشعراء ولا تزال بقية آثار قصره هناك ويحدث وقت هذا الشيخ بأول القرن العاشر . والذي اشترى الشعراء من بقايا بني لام هو علي بن عطية من بني زيد وعمرها هو وأولاده .

ثم نزح بنو لام من نجد إلى العراق ويقول العزاوي : ( أول من نزح إلى العراق الشيخ براك بن خوج بن سلطان ويتصل نسبه بأوس بن حارثة وقد عبر شط العرب من أنحاء البصرة فنال مكانة عند المولى ـ بركات ـ ) ا هـ .

وقال الحيدري في عنوان المجد في أخبارة البصرة ونجد : ( من العشائر العظيمة بنولام من أكابر الناس كرماً ونجابةً وبأساً ) ، وقال العزاوي : ( وفقدت لغتها القحطانية من جراء اختلاطهم بغيرهم ) .

وقبل أن تنتقل لام من نجد انبثق منها ثلاثة بطون هم الفضول وآل مغيرة وآل كثير وصاروا قبائل كباراً والآن لايوجد من بني لام ولا من فروعها بادية في نجد إلا أن تكون داخلة مع قبيلة أخرى بالحلف وانما الموجود من فروعها الثلاثة حاضرة كثيرة مفرقة في أنحاء نجد وفيهم أسر كبيرة كريمة وهم موفون ولا يتسع المقام لأكثر من هذه الخلاصة اهـ .

ثم إن بني لام كانت سبباً في حلف بعض القبائل ، أي أن بعض القبائل التي عاصرت قوة بني لام تحالف بعضها مع بعض لإضعاف قوة بني لام حيث كانت لبني لام السيطرة على نجد , ولقد جمع قبيلة ( الدواسر ) حلف مشهور في القرن التاسع الهجري عقدوه ضد بني لام لإضعاف قوتهم وتقليص نفوذهم ، وقد عرف
الدواسر بهذا الحلف فصار لهم بعده شأن في التأريخ .

 

4 ـ قال ابن طولون في كتابة " مفاكهة الخلان في حوادث الزمان :

 

وفي سنة اثنتين وتسعمائه هذه الأيام رجع شهاب الدين بن المحوجب إلى مسجد قرب منزله فسكنه ليعمر منزله وشاع بدمشق أن النائب قد أغار على طائفة الأمير مشلب أحد أمراء بني لام الذين أخذوا الحاج مراراً وأخذ منهم مالاً كثيراً .

وفي سنة أربع وتسعمائه ، وفي يوم الأحد تاسع عشريه لحق النائب جماعة منهم نائب طرابلس المعزول دولتباي الذي كان نائب حماة ومن قل ذلك كان نائب قلعة دمشق في حصار الدوادار لها ومنهم جان بلاط دوادار السلطان بدمشق ومنهم الحاجب الكبير ابن سلطان شركس وأخذوا معهم بنت أمير بني لام مسلم التي كانت استؤمرت لتسلم لأبيها ويتسلم الحاج .

وفي يوم السبت رابع عشرية دخل الوفد إلى دمشق وأخبروا أن أمير بني لام مسلم وأمراء أخر جعلوا لهم جعلاً إلى أن وصلوهم إلى الحسا فتلقاهم نائب القدس وجانباي فأوصلوهم إلى عند نائب الشام وفي يوم الجمعة سلخة كان أول آب .

وفي يوم الجمعة خامس عشرة نصب الصنجق بالجامع الأموي على العادة إعلاماً بالتهيؤ لأمر الحج في هذه السنة لإجتماع شروط السفر من ضبط مشائخ العرب بني لام والأمراء وابن ساعد ولكن قد تعلق الغلاء في غالب البلاد .